احقية الحمل
المستكن في التعويض الأدبي عن وفاة والده
قضت محكمة النقض بأن :
" من المقرر – في قضاء هذه المحكمة –
أنه إذا اختلف وقت تحقق الضرر عن وقت الفعل المعتبر أساساً للمسئولية التقصيرية
فالعبرة هي بوقت تحقق الضرر ، ذلك أن أهمية الخطأ في قيام هذه المسئولية محدودة ،
فالخطأ قد يكون مفترضاً بل قد ينبني الحق في التعويض على مجرد تحمل التبعة ، أما
الضرر فهو حجر الزاوية في قيام هذا الحق ، يدل على ذلك ما جاء بنص المادة 163 من
القانون المدني ثم ما تلاه من أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلتزم مرتكبه بالتعويض ،
و ما ورد بالمذكرة الايضاحية من أن ( المشرع اكتفى بمجرد لفظ الخطأ ليترك تحديده
لتقديرالقاضي حسب كل حالة ، لأن سرد الأعمال التي يتحقق فيها الخطأ لا يكون من
ورائه إلا إشكال وجه الحكم .... فثمة إلتزام يفرض على الكافة بعدم الإضرار بالغير
و مخالفة هذا النهي هي التي ينطوي فيها الخطأ ) ، فشاغل المشرع المدني هو علاج
آثار الضرر الذي أصاب الغير و ليس تقويم سلوك مرتكب الفعل ، إذ لا تقوم المسئولية
المدنية مهما كانت جسامة الخطأ إلا إذا تحقق الضرر ، و لهذا عني القانون المدني في
المادتين 221 ، 222 منه ببيان الضرر المادي و الأدبي و عناصرهما و حالات انتقال
الحق في التعويض إلى الغير ثم فرض بنص المادة 169 التضامن عند تعدد المسئولين
ضماناً للحق في التعويض ، و صرح في المادة 170 بأنه إذا لم يتيسر للقاضي وقت الحكم
أن يعين مدى التعويض تعييناً نهائياً ، فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب
خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير، و نص في المادة 172 على أن تسقط بالتقادم
دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم
فيه المضرور بحدوث الضرر و بالشخص المسئول عنه لأن الحق في رفع الدعوى لا يقوم إلا
إذا تحقق وقوع الضرر ، بمعنى أن يكون قد وقع بالفعل أو أن يثبت أنه سيقع حتماً في
المستقبل .
ومن المعلوم بالضرورة أن الطفل تصيبه شخصياً
أضرار جراء وفاة أبيه حتى لو كان ميلاده في تاريخ لاحق للفعل الذي توفي بسببه الأب
وقت أن كان هذا الطفل حملاً مستكناً ، و لا وجه للقول بأن حقه في التعويض مقصور
على الحق في التعويض الموروث ، لأن قانون المواريث احتفظ له بالحق في الإرث
كالحقوق التي كفلها له القانون بشأن الوصية و الجنسية ، ذلك أن حق الإبن في
التعويض عن وفاة أبيه لا يقتصر على الأضرار التي أصابته لحظة الحادث وقت أن كان
حملاً ، و إنما يمتد إلى الأضرار التي أصابته بعد ولادته و ثبوت أهلية الوجوب
كاملة له و ما يستجد في المستقبل متى كان محقق الوقوع ، بل و له الحق في الاحتفاظ
بإعادة النظرفي التقديرعملا بنص المادة 170 من القانون سالف البيان .
لما كان ذلك ، و كانت المطعون ضدها الأولى قد
أقامت الدعوى بعد ميلاد ابنة المتوفي ( صابرين ) التي كانت حملا مستكناً وقت
الحادث و طالبت لها بالتعويض عن الأضرارالأدبية التي أصابتها من جراء وفاة أبيها
باعتبارها ابنة له وليست حملاً ، وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه ، فإن النعي
عليه بهذا السبب يكون على غير أساس ، ولما تقدم يتعين رفض الطعن ".
( الطعن رقم 2827 لسنة 67 ق – جلسة 20/1/2010
)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق