شهادة
– إذا ما طعن الخصم على أقوال شاهد لوجود خصومة بينهما مانعة من الإدلاء بقوله دون
ميل، وأقام الدليل على ذلك، تعين على المحكمة أن تمحص دفاعه وتحققه قبل أن تحكم في
النزاع، فإن هي لم تفعل واستندت في حكمها إلى أقوال الشاهد وقع الحكم باطلاً. علة
ذلك.
المحكمة:-
وحيث
إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك
يقولون أنهم تمسكوا في مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 27/2/2005 بوجود
خصومة قضائية بينهم وبين شاهدي المطعون ضده وقدموا الدليل على ذلك فضلاً عن عدم
كفاية هذه الشهادة في إثبات توافر الإقامة المستقرة التي تبيح امتداد العقد بما لا
يجوز معه الأخذ بها أو التعويل عليها إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء
الحكم الابتدائي ورفض الدعوى الأصلية وبإلزامهم بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده على
اطمئنانه لأقوال هذين الشاهدين بمقولة "أن هذه الخصومة القضائية لا تنال من اطمئنانه
لشهادتهما" وهو ما لا يصلح رداً على دفاعهم سالف البيان بما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث
إن هذا النعي في محله ذلك أن مؤدى نص المادة 29/1 من قانون إيجار الأماكن رقم 49
لسنة 1977 يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن عقد إيجار المسكن لا
ينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو من امتد العقد لصالحه وتستمر العلاقة الإيجارية
قائمة مع أي من المستفيدين المشار إليهم بالنص متى كانت إقامتهم بالعين إقامة
مستقرة حتى الوفاة أو الترك، وأنه ولئن كان استخلاص الإقامة المستقرة التي يترتب
عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيد من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي
الموضوع بما له من سلطة تقدير الأدلة في الدعوى وبحث مستنداتها واستخلاص الصحيح
منها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى
إليها وأن يكون قد عرض لكل دفاع جوهري أبداه الخصوم في الدعوى، كما أن أسباب الحكم
تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق
ذلك إذا استندت في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع
بها، وكان من المقرر أن الشهادة ذات حجية متعدية لأن ما يثبت بها لأحد الخصوم يعد
ثابتاً بالنسبة للخصم الآخر وذلك اعتبارا بأن من صدرت منه الشهادة شخص عادل لا
يقصد بها تحقيق مصلحة لأحد أو مضارته ولهذا الأثر للشهادة واعتبارات العدالة فإنه
يجب ألا يقوم بالشاهد مانع من موانعها من شأنه أن يدع للميل بشهادته لخصم على آخر
سبيلاً ومن هذا القبيل أن تكون بين الشاهد ومن يشهد عليه خصومة فقد ورد في الحديث
الشريف "لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين ولا ذي إحنة" وإذ خلت مواد قانون
الإثبات المنظمة لشهادة الشهود بالباب الثالث من نص يعالج أثر وجود خصومة بين
الشاهد والمشهود عليه فليس أمام القاضي من سبيل إلا أن يلتجئ إلى مبادئ الشريعة
الإسلامية التي تقضي بأن قيام هذه الخصومة يعد مانعاً للشهادة بإعتبار هذه المبادئ
المصدر الرئيسي للتشريع بنص المادة الثانية من الدستور والمرجع الأصيل للقضاء عند
غياب النص وعدم وجود العرف طبقاً لما نصت عليه المادة الأولى من القانون المدني وينبنى
على ذلك أنه إذا ما طعن الخصم على أقوال الشاهد بوجود خصومة بينهما مانعة من
الإدلاء بأقواله دون ميل وأقام الدليل على ذلك تعين على المحكمة أن تمحص دفاعه
وتحققه قبل أن تحكم في النزاع فإن هي لم تفعل واستندت إلى أقوال هذا الشاهد رغم
الطعن بفسادها وقع الحكم باطلاً. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنين قد تمسكوا
في دفاعهم بمذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 27/2/2005 بوجود خصومة في
نزاع قضائي لازال قائماً بينهم وبين شاهدي المطعون ضده ذلك أن الشاهد الأول/
............. أقام ضدهم الدعوى رقم 6046 لسنة 1999 إيجارات شمال القاهرة
الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بتحرير عقد إيجار عن الشقة محل النزاع في تلك
الدعوى، كما أنهم أقاموا على الشاهد الثاني/ .............. الدعوى رقم 5314 لسنة
2003 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائه من الشقة محل النزاع في
تلك الدعوى وقدموا الدليل على ذلك وقد أقر الشاهدان بتلك الخصومة عند سؤالهما في
التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على
اطمئنانه لشهادة هذين الشاهدين – رغم فسادها – ورد على ما تمسكوا به من دفاع بقوله
"أنه لا يرى فيما نسب للشاهدين من خصومة قضائية ما ينال من اطمئنانه
لشهادتهما" وهو ما لا يواجه ما تمسكوا به من دفاع وما استدلوا به عليه فإنه
يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور المبطل بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة
لبحث باقي أوجه الطعن.
(نقض
مدنى – الطعن رقم 12543 لسنة 75 ق – جلسة 14/1/2007)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق