حكم المحكمة الادارية العليا في الطعن
رقم1733 لسنة 38 قضائية عليا بجلسة
15/7/1995
منشور بالمجموعة الرسمية للمكتب الفنى،
السنة 40 ، الجزء الثاني، صفحة 2143 قاعدة رقم 222
الموضوع: عاملون مدنيون بالدولة
العنوان الفرعي: تأديب – معيار الغلو فى
الجزاء
المبدأ:
- تتمتع السلطات التأديبية ومن بينها
المحاكم التأديبية بسلطة تقدير خطورة الذنبالإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب
عليها في ذلك – مناط مشروعية هذه السلطة ألايشويها غلو – من صور الغلو: عدم
الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداريونوع الجزاء ومقداره لأن ركوب متن
الشطط في القسوة يؤدى إلى إحجام عمال المرافقالعامة عن تحمل المسئولية خشية التعرض
لهذه القسوة بينما الإفراط المسرف في الشفقةيؤدى إلى الاستهانة في الواجب طمعا في
هذه الشفقة المفرطة في اللين – معيار عدمالمشروعية في هذه الحالة ليس معياراً
شخصيا وإنما هو معيار موضوعي قوامه عدم تناسبدرجة خطورة الذنب الإداري مع نوع
الجزاء ومقداره – تعيين الحد الفاصل بين نطاقالمشروعية وعدم المشروعية يخضع لرقابة
المحكمة الإدارية العليا – تطبيق
نص الحكم كاملا
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد
الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة
الأساتذة / محمد يسرى زين العابدين وأبوبكر محمد رضوان ومحمد أبوالوفا عبدالمتعال
وغبريال جاد عبدالملاك. نواب
رئيس مجلس الدولة.
الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 17/5/1992 أقام
الأستاذ/ ... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن - قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً
بالطعن قيد برقم 1733/38 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بجلسة
30/4/1991 في الدعوى رقم 1057/32ق والذى قضى بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة
والخصم من الأجر للآخرين.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به
تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه
والقضاء مجدداً في الدعوى بالعقوبة المناسبة.
وبتاريخ 25/5/1992 تم إعلان الطعن للمطعون
ضده.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى
القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء
الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وبمجازاته
بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذى كان عليه
قبل الترقية.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون
بالمحكمة جلسة 12/4/1995 وبجلسة 26/4/1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 27/5/1995 وبهذه الجلسة قررت
المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة
على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات
وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة
30/4/1991 وقدم طلب المساعدة القضائية في 20/6/1991 وصدر القرار في طلب الإعفاء
رقم 257/37ق عليا في 9/5/1992 ثم أقيم هذا الطعن بتاريخ 27/5/1992 ومن ثم فإن
الطعن يكون قد أقيم في الميعاد القانونى واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يتعين
الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ
22/7/1990 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 1057/32 ق بإيداع أوراقها
قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها مشتملة على تقرير
باتهام كل من:
سكرتير الدعوى بمديرية أوقاف الفيوم درجة
ثالثة.
مندوب صرف مديرية أوقاف الفيوم - درجة
ثالثة.
مندوب صرف منطقة سنورس بالفيوم - درجة
ثالثة.
مدير الدعوى بمديرية أوقاف الفيوم درجة
أولى.
لأنهم خلال المدة من يونيو 1985 وحتى سبتمبر
89 لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وأمانة ولم يحافظوا على كرامة وظائفهم طبقاً
للعرف العام كما لم يحافظوا على أموال الجهة التى يعملون بها وارتكبوا ما ترتب
عليه ضياع حق مالى للدولة بأن:
الأول (الطاعن):
1- اصطنع المستندات المشار إليها بالأوراق
والتى تفيد أداء الخطباء لخطب الجمعة خلال المدة المنوه عنها بالأوراق خلافاً
للحقيقة حال تركهم العمل في هذا المجال وقام بالتوقيع عليها بتوقعيات نسب صدورها
لمفتش المنطقة والمفتش الأول المختصين بذلك على النحو المبين بالأوراق.
2- أثبت على غير الحقيقة بكشوف حصر الخطب
الملغاه بمعرفته استحقاقه لمبلغ 4 جنيه تارة عن خطبة و5 جنيهات تارة أخرى على أنه
حاصل على مؤهل الثانوية الأزهرية حال كونه حاصلاً على مؤهل الإعدادية الأزهرية فقط
مما ترتب عليه حصوله بدون وجه حق على مكافآت بالزيادة عن المستحق له وهو 3 جنيهات
عن كل خطبة بالمخالفة للتعليمات وذلك على النحو الموضع بالأوراق.
3- استعمل المحررات المزورة فيما زورت من
أجله وهو الاستيلاء على مبلغ 3215 جنيهاً نتيجة لذلك وذلك على النحو الموضح
بالأوراق.
4- تقاعس عن إثبات ما يفيد إلغاء تراخيص بعض
الخطباء وسبب وتاريخ الإلغاء وعنوان المرخص له وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
5- تقاعس قبل عامى 88، 1989 عن إعداد
السجلات اللازمة لقيد آخر صرفية للخطباء بالمخالفة للتعليمات.
6- لم يقم باستيفاء مستندات أغلب ملفات
الخطباء المعينين بمكافأة وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
7- أهمل المحافظة على تراخيص بعض خطباء
المكافأة من مقيمى الشعائر المذكورين مما ترتب عليه فقدها على النحو المبين
بالأوراق.
المخالف الثانى والثالث: قاما بصرف المبالغ
المقررة قيمتها بالأوراق بأسماء الخطباء سالفى الذكر للمخالف الأول دون سند من
الواقع أو القانون وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
الرابع: اعتمد كشوف حصر الخطب المنوه عليه
بالأوراق والمقدمة إليه من المخالف الأول دون مراجعتها والتحقق من مدى أحقية
الخطباء المذكورين بها لصرف المكافأة المقررة.
وقد طلبت النيابة الإدارية محاكمة المذكورين
تأديبياً طبقاً للمواد الواردة بتقرير الإتهام.
ومن حيث إنه بجلسة 30/4/1991 صدر الحكم
المطعون فيه بفصل المخالف الأول "الطاعن" من الخدمة وبمجازاة الثانى
والثالث بخصم عشرة أيام من راتب كل منهما وبخصم خمسة أيام من راتب الرابع وأقام
قضاؤه بالنسبة للطاعن على أن المخالفات المنسوبة إليه ثابتة في حقه من واقع ما
تضمنه فحص أعماله واعترافه بها بتحقيقات النيابة الإدارية وأمام المحكمة.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم المطعون فيه
هو مخالفة القانون وذلك للمغالاة في تقدير الجزاء وعدم مراعاة شجاعة الطاعن
باعترافه بالذنب وتوبته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المخالفات
السابق الإشارة إليها ثابتة في حقه من واقع تقارير الفحص لأعماله واعترافه أمام
المحكمة وبتقرير الطعن الماثل ومن ثم فإن الطاعن يكون مسئولاً عن ارتكابه هذه
المخالفات التى تشكل مخالفه إدارية تستوجب المسائلة التأديبية مما يتعين معه
مجازاته عنها.
ومن حيث إن المقرر أن السلطات التأديبية ومن
بينها المحاكم التأديبية تتمتع بسلطة تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من
جزاء بغير معقب عليها في ذلك لأن مناط مشروعية هذه السلطة لا يشوب استعمالها غلو -
ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإدارى وبين نوع
الجزاء ومقداره لأن ركوب متن الشطط في القسوة يؤدى إلى إحجام عمال المرافق العامة
من تحمل المسئولية خشية التعرض لهذه القسوة الممعنة في الشطط بينما الإفراط المسرف
في الشفقة يؤدى إلى الاستهانة في الواجب طمعاً في هذه الشفقة المفرطة في اللين -
وأن معيار عدم المشروعية في هذه الحالة ليس معياراً شخصياً وإنما هو معيار موضوعى
قوامه أن درجة خطورة الذنب الإدارى لا تتناسب البتة مع نوع الجزاء ومقداره وأن
تعيين الحد الفاصل بين نطاق المشروعية وعدم المشروعية يخضع لرقابة المحكمة
الإدارية العليا.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم وإن كانت
المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ثابتة في حقه إلا أنه نظراً لما يحيط بالمجتمع من
ظروف المعيشة القاسية وقيامه بسداد مبلغ 930 جنيهاً من جملة ما استولى عليه وأن
النيابة العامة حفظت هذا الإتهام محافظة على مستقبله الوظيفى الذى هو مصدر لرزقه
ولأسرته، ومبادرته بالاعتراف بالذنب وإعلان التوبة باعتبار أن هذه الكوبة عارضة في
حياته الوظيفية وأن العقوبة شرعت للتقويم والعلاج وليس للبتر من أول مرة ومن ثم
فإنه في ضوء هذه الاعتبارات كلها فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خرج من المشروعية
إلى عدم المشروعية بفصل الطاعن من الخدمة مما يتعين معه إعادة التوازن في اختيار
العقوبة المناسبة بإلغاء عقوبة الفصل ومجازاته الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى
مباشرة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع
بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن/ ... بالفصل من الخدمة
وبمجازاته بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.