( لما كانت جرائم القتل العمد والشروع فيه
تتميز قانونا بنية خاصة هي انتواء القتل وإزهاق الروح ؛ وهذه تختلف عن القصد
الجنائي العام الذي تطلبه القانون في سائر الجرائم العمدية ؛ فإن من الواجب أن
يعني الحكم الصادر بالإدانة في جرائم القتل العمد والشروع فيه عناية خاصة باستظهار
هذا العنصر وإيراد الأدلة التي تثبت توافره ؛ وكان ما استدل به الحكم علي توافر
نية القتل لدي الطاعن من استعماله سلاحا من شأنه إحداث القتل وإطلاقه علي المجني
عليه في مقتل لا يفيد سوي مجرد تعمد الطاعن ارتكاب الفعل المادي من استعماله سلاح
قاتل بطبيعته ، إصابة المجني عليه ؛ وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم
يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفس الجاني بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي
تدل علي القصد الخاص وتكشف عنه ) .
(نقض 17/11/1981 أحكام محكمة النقض س 32 ق 159 ص 929)
وكذلك
فإن من المبادىء التي قررتها محكمة النقض ( تتميز جناية القتل العمد قانونا عن
غيرها من جرائم التعدي علي النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل
الجنائي إزهاق روح المجني عليه ، وهذا العنصر ذو طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي
العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره
في نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذي يقتضي بإدانة متهم في هذه الجناية أو بالشروع
فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التي
تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان
في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه ، ولكي تصلح الأدلة أساسا تبني عليه النتيجة
التي يتطلب القانون تحققها يجب أن تبين بيانا يوضحها ويرجعها إلي أصولها لا أن
يكون ذلك بالإحالة علي ما سبق بيانه عنها في الحكم) .
(26/2/1968 أحكام النقض س 19 ق 50 ص 276 ، 27/3/1972 س
23 ق 108 س 487)
وفي
هذا السياق أيضا ( في جناية القتل العمد يجب أن تستظهر المحكمة في حكمها أن الجاني
أنتوي إزهاق روح المجني عليه وأن تدلل علي ذلك بالأدلة المؤدية إلي توافر هذه
النية وذلك لأن الأفعال التي تقع من الجاني في جرائم القتل العمد والضرب المفضي
إلي الموت والقتل الخطأ تتحد في مظهرها الخارجي ، وإنما الذي يميز جريمة من هذه
الجرائم عن الأخرى هو النية التي عقدها مقارف الجريمة عند ارتكاب الفعل المكون لها
. فمتي كانت الجريمة المعروضة علي المحكمة قتل عمد وجب علي المحكمة أن تتحقق من
توافر هذا العمد وأن تدلل عليه التدليل الكافي حتى لا يكون هنالك محل للشك في أن
الموت هو نتيجة جريمة ضرب أفضي إلي الموت أو إصابة خطأ ، وحتى يتيسر لمحكمة النقض
مراقبة صحة تطبيق القانون ). (19/3/1938
مجموعة القواعد القانونية ج 4 ق 309 ص 402)